بينما تتصارع نائبة الرئيس كمالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب خلال هذا الموسم السياسي الصاخب والذي لا يمكن التنبؤ به، يجدر بكليهما الاشتغال بسرعة حتى يكونا على أتم الاستعداد لحكم واحدة من أقوى وأهم وأكثر المؤسسات تعقيداً على هذا الكوكب في 20 يناير 2025.
ترامب أعلن مؤخراً قيادة فريقه الانتقالي، في حين أفادت بعض التقارير بأن هاريس اختارت أحد الخبراء المخضرمين في الفترات الانتقالية لقيادة جهودها، غير أن كلا المرشحين الرئاسيين متأخران كثيراً.
المهمة التي تنتظر هاريس وترامب هائلة، والوقت قصير لوضع جداول أعمال تعكس وعود الحملة الانتخابية، وصياغة مسودات الأوامر التنفيذية، وانتقاء ما يصل إلى 4 آلاف شخص من المعيّنين السياسيين المحتملين – بمن فيهم حوالي 1300 شخص يحتاجون إلى التثبيت من قبل مجلس الشيوخ – بالإضافة إلى الاستعداد لتسيير ميزانية تزيد على 6 تريليونات دولار وقوةٍ عاملة يبلغ قوامها 3.5 مليون موظف مدني وعسكري.
ولا شك أنه كان من الأفضل أن تبدأ عملية التخطيط للمرحلة الانتقالية بقوة في فصل الربيع، على غرار ما فعل المرشحون ميت رومني في 2012 وترامب في 2016 وجو بايدن في 2020. ذلك أن التخلف عن التخطيط المكثف المتعلق بالسياسات والموظفين قد يجعل الفائز غير مستعد لتولي مقاليد السلطة في يناير المقبل، وهو ما من شأنه أن يعرّض البلاد للخطر في عالم خطير لا يمكن التنبؤ به.
ترامب خطا خطوته الأولى في هذه العملية بتعيين ليندا ماكماهون، التي ترأست «إدارة الأعمال الصغيرة» خلال فترة رئاسته، وهاورد لوتنيك، الملياردير الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت، لقيادة فريقه الانتقالي.
مكماهون عملت مؤخراً رئيسة لـ «معهد سياسة أميركا أولاً»، وهو مركز أبحاث في واشنطن يعمل بشكل مستقل في وضع وتطوير خطط تتعلق بالسياسات والموظفين لصالح جهود ترامب الانتقالية، ويتنافس مع «مشروع 2025» التابع لمؤسسة «هريتيدج فاونديشن» على النفوذ. وهي تفهم كيفية اشتغال الحكومة، وهناك احتمال كبير لأن يتم اعتماد بعض أعمال مؤسستها، غير أنه سيتعين عليها ولوتنيك إنشاء عملية جديدة بسرعة بدعم من ترامب وحملته وبالتنسيق معهما.
بعض التقارير أفادت بأن فريق ترامب الانتقالي سيرفض الدعم الفيدرالي قبل الانتخابات والمتمثل في مساحة مكتبية وأجهزة كمبيوتر ومساعدة تقنية، ولكنه قرار قد ينطوي على مخاطر محتملة في مجال الأمن السيبراني يجب عدم الاستهانة بها. غير أنه ما زال يتعين على عملية ترامب أن تتبع أحكام القانون التي تُلزم أعضاء الفريق الانتقالي بالتوقيع على تعهد أخلاقي، والإفصاح عن أسماء المتبرعين، وتحديد المساهمات في مبلغ 5 آلاف دولار للشخص الواحد. 
وكان ترامب أدار في 2016 عملية انتقالية شاملة قبل فوزه بالرئاسة، غير أنه بعد الانتخابات مباشرة أقال حاكمَ ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي من منصبه، وتخلّص من كتب الإحاطة السياسية، وتجاوز العديد من الأفراد الذين أوصى بهم لشغل مناصب حكومية رئيسية. فكانت النتيجة عملية انتقالية متعثرة تسببت في خلل وارتباك للإدارة وتأخير في ملء العديد من المناصب الحكومية المهمة.
أما هاريس، التي أصبحت حاملة لواء الحزب «الديمقراطي» بعد قرار بايدن في اللحظة الأخيرة عدم السعي لإعادة انتخابه، فتفيد بعض التقارير بأنها عيّنت يوهانس أبراهام، السفير الأميركي الحالي لدى «رابطة دول جنوب شرق آسيا»، المدير التنفيذي السابق للجهود الانتقالية الناجحة جداً لحملة بايدن-هاريس في 2020-2021 لإدارة عملية انتقالها بدعم من وزير العدل السابق إريك هولدر جونيور.
هاريس سترث إدارة فعالة ومألوفة في حال فوزها، ولكن حجم متطلبات المرحلة الانتقالية ونطاقها ما زالا هائلين. إذ يُظهر التاريخ الحديث أن الإدارات في ولاياتها الثانية تشهد معدلات مرتفعة في تغيير الموظفين والمسؤولين، وهناك مؤشرات عديدة على أن عدداً مهماً من المعيّنين من قبل بايدن من المرجح أن يغادروا قبل التنصيب أو بعده بفترة قصيرة في حال فوز هاريس. والأرجح، على كل حال، أن هاريس سترغب في ترك بصمتها الخاصة على فريقها القيادي. 
ثم إنه بغض النظر عمن سيفوز، فإن عملية المصادقة على التعيينات في مجلس الشيوخ التي تعاني مشاكل عدة تزيد من أهمية التخطيط المبكر والفعال للمرحلة الانتقالية، ذلك أن عدم الاستعداد لإجراء التعيينات المهمة بسرعة لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة. غير أن هاريس لديها حافز خاص للتحرك بسرعة من أجل الاحتفاظ بالمعيّنين المهمين، الذين لن يحتاجوا إلى تثبيتهم في مناصبهم مرة أخرى.
وبالنظر إلى أن موعد إجراء الانتخابات هو نوفمبر، وأن تنصيب الرئيس لن يتم قبل يناير2025، فقد يبدو أنه من المبكر والسابق لأوانه، بل وربما حتى من التسرع، أن يبدأ المرشحان استعدادات مفصلة لتولي وظيفة غير مضمونة لأي منهما. غير أن هذا خطأ فادح وخطير، لأن الفائز في الانتخابات يجب أن يكون جاهزاً تماماً لتسلّم المشعل منذ اليوم الأول، وإلا فإنه يجازف بمواجهة خطر عدم الاستعداد لأزمة كبيرة في السياسة الداخلية أو الخارجية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»